نجد لدى فولكييه " Folquier " تعريفا للنظرية يضيف إليه بعض التفاصيل المفيدة « النظرية بناء عقلي يتم بـواسطة ربـط عدد من القـوانين بمبدأ يمكـن أن يستنتـج منه بدقة و صرامة ».
و من هنا فالنظرية ليست مجرد أفكار عامة مبهمة و غامضة بل إنها تتألف من قوانين و مبادئ تقوم بربطها على نحو استنتاجي. و إذا أضفنا إلى ذلك كونها تهدف إلى التفسير أو الوصف أو التنبؤ تبين لنا مكونات النظرية و الوظائف التي تقوم بها. و لهذا لا بد من الوقوف على المفاهيم التي تنبني عليها النظرية.
هناك مفهوم القانون. و إذا كان هذا الأخير تتعدد دلالاته من مجال إلى آخر فإنه في المجال العلمي يدل على "علاقة ثابتة بين الظواهر الملاحظة" و لكن كل الدلالات ترتبط بمفهوم المبدأ الذي يحيل إلى السبب أو العلة و لذلك يختلف مفهوم القانون عن المبدأ في المجال العلمي. لقد كان (أوغيست كونط) يدرك الطابع الميتافيزيقي لمفهوم السبب و لهذا استبدله بمفهوم آخر هو الوصف، أي الووقوف عند ملاحظة الظواهر دون البحث عن عللها الخفية و الاكتفاء بربط العلاقة فيما بينها.
فالقانون العلمي يتميز بالخصائص التالية:
الكلية (صالح لكل زمان و مكان).
الجواز (مقابل القانون المنطقي الضروري).
و القابلة للإثبات عن طريق التجربة و إمكانية التعبير الكمي الرياضي.
فما هي إذن وظائف النظرية ؟.
حينما تقتصر النظرية على تركيب مجموعة من القوانين تكون وضعية (جدول ماندلييف الذي يصف فيه مكونات الأجسام (مثل الماء H 2O ) و تكون ذات طابع تفسيري حينما تقوم بتحليل الظواهر و ربط العلاقات فيما بينها على فواستتاجي. كما تتخذ طابعا تنبئيا حينما تمكن من التنبؤ بما قد يحدث من ظواهر.
إن تعدد المجالات العلمية و اختلاف العلوم موضوعا و منهجا يجعل هذا التصنيف للنظريات تبعا لوظائفها نسبيا. و لكن النظرية تبقى مع ذلك محاولة لتكوين صورة أو نموذج عقلي عن الواقع. فما علاقة النظرية بهذا الواقع ؟.